فضاء حر

سرير بروكرست

في الاسطورة اليونانية ان بروكرست وهو قاطع طريق كان يطلب من ضحاياه ان يستلقوا على سريره فإذا بدا له ان الضحية اطول من السرير قام بقطع وبتر وقص الجزء الزائد حتى يتساوى طول الضحية مع طول السرير. واذا كانت الضحية اقصر من السرير قام بشدها ومطها حتى تصبح على مقاس السرير. اما اذا تطابق طول الضحية مع طول السرير فإن بروكرست ينظر الى هذا التطابق على انه تطابق مع الحقيقة.

ومع ان ثمة بعدا فلسفيا للاسطورة يتمحور حول خطر الاستبداد بالرأي عموما وخطورة ولامعقولية كل أيديولوجيا تدعي امتلاكها للحقيقة.
إلا أن ماجعلني أستحضر اسطورة بروكرست هو هذا الحضور القوي لـ"بروكرست" في الشارع العربي. واذاكان بروكرست اليوناني شخصية اسطورية فإن بروكرست العربي شخصية واقعية موجودة بيننا نصطدم بها وتصطدم بنا كل يوم. انها تتجلى في حياتنا وفي مجتمعاتنا بأشكال وصور عديدة. تتجلى فكريا في فكرنا وثقافيا في ثقافتنا وصحافيا في صحافتنا واعلاميا في اعلامنا وفي التربية والتعليم والاسرة والمدرسة، وتتجلى بأبشع صورة لها في هذه الجماعات والتنظيمات التكفيرية الارهابية التى تقطع الطريق على الابرياء وتفعل بهم ابشع مما فعله بروكرست بضحاياه. ذلك لأن سرير هذه الجماعات والتنظيمات أضيق بكثير من سرير بروكرست.

المصدر: اليمن اليوم
زر الذهاب إلى الأعلى